الطعن رقم ١١٢٤٨ لسنة ٧٩ قضائية، الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١١/٠٢/١٧م، طرق اثبات جريمة غسل الأموال

الطعن رقم ١١٢٤٨ لسنة ٧٩ قضائية

الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١١/٠٢/١٧

باسم الشعب

محكمـة النقـض

الدائرة الجنائية

جلسة الخميس ( ب ) الموافق ١٧ من فبراير سنة ٢٠١١

الطعن رقم ١١٢٤٨ لسنة ٧٩ قضائية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد المستشار / أنــور جبري نائب رئيس المحكمـة

وعضوية السادة المستشاريـن / فتحـي الصباغ وأحمد عبــد القـوى ومحمــد طاهــر وجمــال حليـــس "نواب رئيس المحكمة"

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(٢) جريمة غسل الأموال لا يشترط طريقاً خاصاً لإثباتها . كفاية اقتناع المحكمة بوقوعها من أي دليل أو قرينة تقدم لها . عدم وجوب صدور حكم نهائي في جريمة الحصول غير المشروع علي الأموال لإدانة المتهم بجريمة غسل الأموال . للمحكمة بحث عدم المشروعية لدي قضائها في جريمة غسل الأموال . عدم معرفة الفاعل لجريمة الحصول غير المشروع علي الأموال أو عدم رفع الدعوى الجنائية عليه . ليس ضرورياً لمعاقبة مرتكب جريمة غسل الأموال .

(٣) اقتناع الحكم المطعون فيه في رده علي الدفع ببطلان الأمر بالاطلاع علي حسابات الطاعن بأنه إجراء تم نفاذاً لالتزام المؤسسات المالية بالإخطار عن العمليات المالية المشتبه في تضمنها غسل أموال طبقاً للمادة ٨ من قانون مكافحة غسل الأموال . كاف لتسويغ اطراح الدفع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

" الوقائـع "

اتهمت النيابة العامة كل من ١-............. ٢-..............(طاعن) ٣-............ ٤-............. ٥-.......... ٦-............... فى قضية الجناية رقم ....... لسنة ٢٠٠٩ قسم ثان طنطا (والمقيدة بالجدول الكلى برقم ...... لسنة ٢٠٠٩ ) بوصف أنهم فى خلال الفترة من ١٧ من سبتمبر لسنة ٢٠٠٧ حتى ٨ من أكتوبر لسنة ٢٠٠٧ بدائرة قسم أول وقسم ثان طنطا ـ محافظة الغربية :ـ

أولاً : المتهمون من الأول حتى الرابع ارتكبوا جريمة غسل أموال قيمتها ثلاثة ملايين دولار أمريكى متحصلة من جرائم نصب وتزوير محررات عرفية واستعمالها موضوع القضية رقم ....... لسنة ٢٠٠٨ جنح العطارين بأن استبدل المتهم الأول جزء من هذه الأموال إلى العملة الوطنية وأودع بعضاً منها بحساباته وحساب نجلته القاصر بعدة بنوك وحول مصرفياً بعضاً من هذه الأموال المودعة بحسابه لحساب المتهم الخامس كما سحب جزء منها نقداً وأصدر شيكات بنكية صرف إحداها المتهم السادس . وسلم المتهم الثانى مبلغ مليونى وستمائة ألف جنية مصرى اشترى به وثاق صناديق استثمار بنكية بإسمه واستبدل جزء من هذه الأموال بالعملة الأجنبية وأودع الباقى بحساباته بإحدى البنوك بينما استثمر المتهم الثالث من حصته من المبلغ المستولى عليه فى شراء مسكن كما اشترى المتهم الرابع من حصته فى ذلك المبلغ سيارة وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه مصدرها وطبيعتها والحيلولة دون معرفة صاحب الحق فيها على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانياً : المتهمان الخامس والسادس : اشتركا وآخر متوفى بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب جريمة غسل أموال محل التهمة الأولى بأن اتفقا معه على إخفاء حقيقة تلك الأموال وتمويه مصدرها وساعداه على ذلك بأن قام المتهم الخامس بفتح حساباً بنكياً تلقى فيه تحويلاً مصرفياً من حسابات المتهم الأول بينما قام المتهم السادس بصرف شيكاً مصرفياً من حسابات المتهم الأول واستبدل قيمته بعملة وطنية وكان القصد من ذلك السلوك تمويه مصدر المال المتحصل من هاتين الجريمتين وإخفاء حقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت فى ١٧ من سبتمبر لسنة ٢٠٠٩ عملاً بالمواد ١/أ ، ب ، ٢ ، ١٤ من القانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانون رقم ١٨١ لسنة ٢٠٠٨ حضورياً للثانى (الطاعن) والخامس والسادس وغيابياً للأول والثالث والرابـع . أولاً: بمعاقبة كل من ............ و........... و................ بالسجن لمدة سبع سنوات و............... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وبتغريمهم مبلغ ستة ملايين دولار أمريكى وكذا مبلغ ٢١٥٨٩٦٨ دولار أمريكى على أن يخصم من المبلغ الأخير قيمة مبلغ ١٤١١٦٠٠ جنية مصرى وقيمة السيارة رقم ....... ملاكى الإسكندرية والشقة رقم .... الواقعة بالطابق ...... ببرج ....... بالعصافرة بحرى بدائرة قسم أول المنتزه المتحفظ عليهما .

ثانياً : ببراءة كل من ................. و.................. مما نسب إليه .

فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى ٤ من نوفمبر ٢٠٠٩ كما طعن الأستاذ/.............. بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ............... فى هذا الحكم بطريق النقض فى ١٤ من نوفمبر لسنة ٢٠٠٩ . وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى فى ١٢ من نوفمبر لسنة ٢٠٠٩ موقعاً عليها من الأستاذ/................ المحامي والثانية فى ١٤ من نوفمبر لسنة ٢٠٠٩ موقعاً عليها من الأستاذ/............... المحامي .

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على النحو المبين بالمحضر .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة غسل الأموال قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة رغم دفع الطاعن ـ المؤيد بالمستندات ـ بمشروعية مصدر أمواله وبانتفاء صلته بجريمة تزوير الشيك والاستيلاء على قيمته ، وأيد الطاعن دفاعه بأن الحكم الصادر فيها لم يصبح نهائياً بعد ، وخلا من بيان مضمون تقرير لجنة الفحص ، ورد بما لا يصلح على الدفع ببطلان أمر الاطلاع لصدوره لاحقاً على ملخص الاشتباه ، ورد بما لا يســـوغ ـ ودون تحقيـق ـ على الدفع بتناقض أقوال الشهود وعدم معقولية الواقعة وفق تصويرهــم، وأورد ـ خلافاً للثابت بالأوراق ـ أن المحكوم عليه الأول سلم الطاعن مبلغ ثلاثة ملايين وتسعمائة ألف جنيه وأن مقابل شراء وثائق صندوق الاستثمار كان بطريق الإيداع وليــس بطريق الخصم من الحساب ، هذا إلى أن المحكمة لم تجب طلب تشكيل لجنة ثلاثية من البنك المركزي لبحث قصور تقرير اللجنة وفحص مستندات وحسابات الطاعن . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعن بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً بعد أن قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعى على الحكـم ـ فى هذا الشأن ـ لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد ـ فى بيانه لواقعة الدعوى وتدليله على ثبوت جريمة غسل الأموال فى حق الطاعن ـ أنه وآخرون زوروا شيكاً بمبلغ ثلاثة ملايين دولار مسحوباً على بنك فرست ناشيونال أرف كومارس واستولوا على قيمته من البنك الأهلى المتحد فرع طنطا وقاموا بغسل هذه الأموال بقصد إخفاء مصدرها غير المشروع وإضفاء المشروعية عليها وذلك بتجزئة إيداعها بأكثر من بنك وبإجراء عمليات إيداع وسحب وربط ودائع وتحويلات لحسابات خاصة بهــم وبآخريــن وباستبدالها بعملات وطنية ثم بأخرى أجنبية وبإصدار شيكات لآخرين وبشراء وثائق صندوق الاستثمار، وكان لا يشترط لإثبات جريمة غسل الأموال طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفى ـ كما هو الحال فى سائر الجرائم ـ بحسب الأصل ـ أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أى دليل أو قرينة تقدم لها ، وكان ما أورده الحكم ـ على النحو المار بيانه ـ يعد كافياً وسائغاً على ثبوت وتوافر جريمة غسل الأموال فى حق الطاعن بركنيها المادى والمعنوى ، إذ لا يُلزم القانون المحكمة التى تنظر الدعوى بأن تتربص فصلاً نهائياً فى جريمة الحصول ـ غير المشروع ـ على الأموال ، بل لها بحث أمر عدم مشروعية الحصول عليها ، كما أن ظهور فاعل الجريمة الأخيرة أو رفع الدعوى الجنائيــة عليه ليس بضرورى لصحة معاقبة مرتكب جريمة غسل الأموال متى ثبت أنه قارفها وهو عالم بعدم مشروعية الحصول عليها وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة التى أوردتها أن الأموال محل جريمة غسل الأموال متحصلة من جريمة تزوير ونصب وأن الطاعن قام بغسلها مع علمه بحقيقة ذلك المصدر وعاقبته بجريمة غسل الأموال ، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، ويضحى النعى على الحكم ـ فى هذا الصدد ـ غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن المستندات التى قصد بها الإشارة إلى نفى التهمة ، ذلك بأن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ فإن النعى على الحكم ـ فى هذا الخصوص ـ لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين عند تحصيله مؤدى شهادة/.............. و.............. و............. ـ أعضاء اللجنة المنتدبة من النيابة العامة ـ مؤدى تقرير تلك اللجنة بياناً كافياً ، وكان لا يعيب الحكم ـ بعد ذلك ـ عدم تكرار سرده لهذا التقرير ، ويضحى النعى على الحكم ـ فى هذا الشأن ـ فى غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان الأمر بالاطلاع على الحساب بما اقتنع به من أن ما تضمنه ملخص الاشتبــاه السابق على صدور الأمر بالاطلاع لم يكن نتيجة لانتهاك سرية حسابات الطاعن وإنما كان بمثابة إجراء نفاذاً لالتزام المؤسسات المالية ـ طبقاً للمادة ٨ من قانون مكافحة غسل الأمــوال ـ المار ذكره ـ بالإخطار عن العمليات المالية التى يشتبه فى أنها تتضمن غسل أموال ، فإن ما أورده الحكم فى شأن ذلك يسوغ به اطراح الدفع ، ومن ثم فإن النعى على الحكم ـ فى هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة بمالها من سلطة تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها ـ قد أوردت بحكمها ما تساندت إليه من أقوال الشهود وبما لا شبهة فيه لأى تناقض واطمأنت إلى كفايتها كدليل فى الدعوى وإلى صحة تصويرهم للواقعة ، فإن كافة ما يثيره الطاعن ـ فى هذا الصدد ـ لا يعدو أن يكون جدلاً فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين تحقيقاً لدفاعه بعدم معقولية الواقعة ، فليس له ـ من بعد ـ النعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم ترهى حاجة لإجرائه ، فإن ما يثيره الطاعن ـ فى هذا الخصوص ـ لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم خطؤه فى الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة ، وكان مجموع ما أورده الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل كاف إلى أن جميع الأموال موضوع جريمة غسل الأموال متحصلة من جريمة تزوير الشيك والاستيلاء على قيمته ، فإن النعى على الحكم ـ فى هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر ِأن المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب ندب لجنة ثلاثية ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ـ وهو الحال فى الدعوى المطروحة ـ ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن ـ فى هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهذه الأسبــاب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

تعليقات