حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 47622 لسنة 74 ق، بجلسة 28/11/2021م، تخطي في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الــدائرة الثانية (أفراد)
بالجلسة المنعقدة علناً يوم الأحد الموافق 28/11/2021 م.
برئاسة الســـــيد الأستــــــــــاذ المستشــــار / فتحي إبراهيم محمد توفيق نائب رئيس مجلس الدولة
ورئــــــيس المحكمـــــــة
وعضوية السـيد الأستــــــــاذ المستشـــــــار / نوح محمد حسين أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستــــــــاذ المستشــــــــار / محمد مختار محمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستـــــــــاذ المستشــــــــار / أحمد متولي الذكير مفـــــــوض الدولــــــــــة
وسكرتارية السيد / أحمد عبد النبي أمين ســـــــر المحكمــــة
أصدرت الحكم الآتي :
في الدعوى رقم 47622 لسنة 74 ق.
المقامة من
.........................................
ضـــد
1- رئيس مجلس الدولة ............ بصفته
2- رئيس الجمهورية ............... بصفته
3- وزير العدل ........................ بصفته
الوقائع :
أقام المدعى هذه الدعوى بعريضة موقعة من محام أوُدعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 20/7/2020، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 238لسنة 2020 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، اخصها تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة اعتبارا من تاريخ تعيين أقرانه ، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وأتعاب المحاماة .
وقد ذكر المدعي شرحاً لدعواه : إنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية دور مايو عام 2015 بتقدير عام جيد جداً قسم اللغة الإنجليزية بنسبة مئوية 86.04% وترتيبه السابع علي جميع الأقسام (عربي- انجليزي – فرنسي)، وقد أعلنت الجهة الإدارية المدعى عليها عن حاجتها لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، وقد تقدم بأوراقه حيث إنه مستوف للشروط اللازمة لشغل تلك الوظيفة ، وقد اجتاز المقابلة الشخصية التي عقدت معه بنجاح ، ، وقد أجريت عنه التحريات والتي جاءت خالية من أية موانع تعوق تعيينه ، إلا إنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه دون أن يتضمن تعيينه رغم استيفائه للشروط فتظلم منه بتاريخ 18/6/2020 ولكن دون جدوى، ثم تقدم للجنة التوفيق في بعض المنازعات بتاريخ 12/7/2020 بالطلب رقم 393لسنة 2020 ، وقد ونعى المدعي على ذلك القرار بمخالفته للقانون وصدوره مشوباً بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة ، إذ إنه اشتمل على تعيين من هم دونه في تقدير التخرج والدرجة العلمية وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بعريضة دعواه ، والتي خلص فيها إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر جلسات التحضير، حيث قدم خلالها الحاضر عن المدعي عدد ( 2) حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلاف كل منها، كما أودع الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات طويت علي المستندات المعلاة بغلافها أخصها "صورة من تقرير بنتيجة التحريات الجنائية والسياسية التي أجريت على المدعي وأسرته - أصل مذكرة مجلس الدولة بالرد على الدعوى "
وقد أعدت هيئة مفوضي تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا وألزمت المدعي المصروفات .
وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، حيث قدم خلالها الحاضر عن المدعي مذكرتي دفاع، وقدم النائب عن الدولة مذكرة دفاع ،وبجلسة11/9/2021 قررت المحكمة إصدار حكمها في الدعوى بجلسة
24/10/2021وفيها قررت المحكمة تأجيل النطق في الحكم لجلسة اليوم لاتمام المداولة ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عنــــد النطــــق به .
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً ،
من حيث أن المدعي يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 238 لسنة 2020 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات .
ومن حيث إنه وعـن شكل الدعــوى: فقد استوفت سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية المقررة قانوناً ، ومن ثم تغدو مقبوله شكلاً.
ومن حيث إنه وعـن الموضـوع : فإن المادة (73) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته على أن " يشترط فيمن يُعين عضواً في مجلس الدولة:
1- أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة.
2- أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر العربية ......
3- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
4- لا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره......".
ومن حيث أن المادة (186) من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة الصادرة بقرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة رقم 1 لسنة 2011 المنشور بالوقائع المصرية العدد 99 ( تابع ) في 2/5/2011 تنص على إنه " يُعين المندوبون المساعدون من بين الحاصلين على درجة ممتاز في ليسانس الحقوق ثم من بين الحاصلين على درجة جيد جدا ثم من بين الحاصلين على درجة جيد ، وفي جميع الأحول يجري المجلس الخاص اختبارات شخصية للمتقدمين للتأكد من توافر شروط الصلاحية لتولي القضاء ........"
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد إستقر على إنه نظراً لأهمية الوظائف القضائية وما يجب أن يتحلى بها شاغلوها من الأمانة والنزاهة والبعد عن الريب والظنون والحرص على ألا يشوب مسلكهم أي شائبة، فقد استلزم المشرع لتحقق صلاحية المرشح لشغل الوظائف القضائية توافر شرط يتعلق بالمرشح ذاته، وهو ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه إعتباره، وتوافر شرط آخر وهو حسن السمعة والسيرة الحميدة وصولاً إلى إختيار أفضل العناصر حفاظاً على مرفق القضاء وحماية لحقوق المواطنين، ولم يحدد المشرع أسباب فقدان حسن السمعة والسيرة الحميدة على سبيل الحصر ، وأطلق المجال في ذلك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري والذي إستقرت أحكامه على أن السيرة الحميــــدة والسمعة الطيبـــــة هي مجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق، ومن ثم فهي تلتمس في أخلاق الشخص نفسه، إذ هي لصيقة بشخصه ومتعلقه بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته، ولا يؤاخذ على صلته بذويه إلا فيما ينعكس منها على سلوكه، وأثراً لذلك فإنه يجب أن تتركز التحريات الأمنية على نطاق الأسرة الصغيرة للمرشح (الوالد والوالدة والأخوة والأخوات) ولا يمتد ذلك إلى أفراد عائلته الكبيرة كالأعمام والأخوال وأولادهم وكذلك الجدين ، إلا إذا كان من شأن الجرائم أو السلوك المنســـوب إليهم يسئ إلى سمعتهم جميعاً فحينئذ تتبدل الأحوال ، وإذا عولت الجهة القضائية على التحريات التي أجريت خارج نطاق أسرة المرشح بمفهومها الضيق سالف البيان واتخذتها ذريعة لإستبعاد المرشح من التعيين بزعم فقده شرط حسن السمعة فإن قرارها في هذا الشأن يكون قد استخلص استخلاصاً غير سائغ واستمد من أصول لا تنتجه مادياً وقانونياً ويقع مخالفاً لصحيح القانون ، كذلك فإن التحريات التي تجريها الأجهزة المختصة على المرشح لشغل الوظيفة من ناحية ومن ناحية أخرى المحافظة على المعايير والضوابط المحددة للاختيار وصولاً لأفضل العناصر إعمالا لصحيح حكم القانون ، وأن اعتراض الأجهزة الأمنية على تعيين المرشح يلزم أن يكون مبنيا على أسباب واضحة وجلية وحقيقية ووقائع ومبررات تنسب إلى المرشح أو ذويه تستقيم لكي تكون سندا لعدم
الموافقة ، ولتكون تحت نظر القضاء لبسط رقابته عليها لتمحيصها والتأكد من استخلاصها للنتيجة التي انتهت إليها الجهات الأمنية من رأي في شـأن الموافقة على تعيين المرشح من عدمه قائما على أصول صحيحة تؤدي إليها ليثبت مصداقيتها ، وبالتالي سلامتها وسلامة القرار المتخذ بناء عليها من عدمه ، كما يجب ألا تنساق الجهات القضائية وراء الاعتراضات الأمنية بل يجب تمحيصها والتأكد من مصداقيتها حرصا على مستقبل الأوائل من الخريجين الذين لا ذنب لهم ولأسرتهم بمفهومها الضيق فيما تناله أيدي أقاربهم المنسوبين إليهم بحكم صلة القرابة "" حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3100 لسنة 62 ق. ع جلسة 19/11/2016 والطعن رقم 13431 لسنة 62ق .عليا بجلسة 20/1/2018 "
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا - على ضوء ما قضت به دائرة توحيد المبادئ - قد جرى على أن اجتياز مُقابلة اللجنة المُشكلة لمُقابلة المتقدمين للتعيين بالوظائف القضائية يكون شرطاً لازماً يُضاف لشروط التعيين المقررة قانوناً والسالف بيانها ، وأن تلك اللجنة غَيْر مُقيدة في اختيار المُتقدمين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية المتقدمين إليها ، وكانت تلك المهمة لم تتقيد بأي اختيارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر أو عدم توافر تلك الأهلية ، كما لم تتقيد بأي ضوابط أخرى ، فإن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة ، وليس من شك في أن القول بغير ذلك إنما يؤدي إِلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة وحلول المحكمة محلها بناء على ضوابط يضعها القاضي ليحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة ، وتلك نتيجة يأباها التنظيم القضائي ومبدأ الفصل بين السلطات ، وإذ كانت تلك المهمة التي أسُندت إِلى اللجنة لم تقترن بطريقة صريحة قاطعة ومعيار واضح يحدد لَهَا كيفية أداء مهمتها واستخلاص الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة ، فإن ذلك لا يعني حتماً أنها مارست عملها دون ضوابط أو معايير فلا جدال في أنها استعانت بالعرف العام الذي يحيط تولي الوظائف القضائية التي يضفي عليها المشرع تلك الصفة بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية بيد أنه يبقى من غير المسموح بِهِ أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة في إعمال تلك المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات .
كما لا وجه للقول بأن السلطة التقديرية المقررة لتلك اللجنة تعد امتيازاً يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة ذلك لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجباً يبتغي الصالح العام باختيار أكفأ العناصر وأنسبها وهو أمر سيبقى محاطاً بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى ، وفضلاً عن ذلك فإن تلك السلطة التقديرية هي وحدها التي تقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في القانون لشغل الوظائف القضائية وبين فاعلية مرفق القضاء وحسن تسييره فلا يتقلد وظائفه إلا من توافرت له الشروط العامة وحاز بالإضافة إليها الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل ، ومن ثم فانهُ إِذَا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولي الوظيفة القضائية والمشكلة من قمم الجهة التي تقدم لشغل وظائفها ، فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع على عاتق الطاعن عبء إثبات هذا العيب ألقصدي أو الشخصي .( حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 17670 لسنة 61 ق.ع الصادر بجلسة 17/2/2018)
ومن حيث إنه وعلى هدي ما تقدم ، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة الاسكندرية دور مايو عام 2015 بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بنسبة مئوية قدرها 86.04%وترتيبه علي شعبته (الحادي عشر) وترتيبه علي الدفعة (الرابع عشر) ، وقد تقدم لشغل وظيفة مندوب مُساعد بمجلس الدولة بناء على الإعلان الصادر من الجهة القضائية المدعى عليها ، والتي اتخذت بشأنه موقفـاً جدياً ببحث طلبه فقبلت أوراقه وفحصتها وعرضتها على اللجنة المُشكلة لهذا الغرض ، لإستخلاص مدى توافر أهلية شغل الوظيفة لديه ، وقد إجتاز المُقابلة الشخصية والتي أجريت معه للمُفاضلة بينه وبين المُتقدمين لشغل تلك الوظيفة وذلك على النحو الثابت بالأوراق ، إلا أن الجهة القضائية المطعون ضدَّها ارتأت عدم أهليته وصلاحيته لشغل الوظيفة القضائية بها ، وكان السبب الذي ارتكنت إليه في ذلك هو فقده شرط حسن السيرة والسمعة كون التحريات الأمنية - ( الجنائية) – الــواردة عنه وعن أسرته لم تأت بالمستوى المطلوب لشغل الوظيفة القضائية المعلن عنها ، حيث ورد بتلك التحريات سابقة اتهام زوج عمة المرشح / عبد الله موسي عبد الله أبو رابح في القضايا الآتية :
1- القضية رقم 18776لسنة 2008جنح كفر الدوار "خيانة أمانة 2- القضية رقم 18777لسنة 2008جنح كفر الدوار "خيانة أمانة 3- القضية رقم 18778لسنة 2008جنح كفر الدوار "خيانة أمانة 4- القضية رقم 6852لسنة 2004 جنح أبوالمطامير "شيك " 5- القضية رقم 27507لسنة 2002 جنح أبو المطامير "خيانة أمانة " 6- القضية رقم 498لسنة 1982جنح كفر الدوار "تبديد محجوزات " 7- القضية رقم 1165لسنة 1996جنح كفر الدوار" شيك " 8- القضية رقم 10294لسنة 1996 جنح كفر الدوار "شيك "9- القضية رقم 7948لسنة 2001 جنح أبو المطامير "شيك " 10- القضية رقم 9943لسنة 2000 جنح أبو المطامير "تبديد " 11-القضية رقم 24401لسنة 2005 جنح ابو المطامير "تبديد" 12- القضية رقم 8949لسنة 2005 جنح ابو المطامير "تبديد "13- القضية رقم 6852لسنة 2005 جنح مستأنف أبو المطامير "شيك " 14- القضية رقم 7233لسنة 1995 جنح كفر الدوار "شيك " 15- القضية رقم 5071لسنة 2003 جنح أبو المطامير "شيك " 16- 90021لسنة 2000جنح كفر الدوار "شيك " 17- 15880لسنة 2008جنح كفر الدوار "تبديد " 18- القضية رقم 5055لسنة 2008 جنح كفر الدوار "تبديد"19- القضية رقم 20862لسنة 2010 جنح ابو المطامير "تبديد" 20-القضية رقم 25570لسنة 2000جنح الرمل "شيك" . وصدر فيها أحكام بالحبس .
كما سبق اتهام جد المدعي للأب /عبدالعاطي عبد الله أبو رابح في القضية رقم 3897لسنة 1977جنح باب شرقي " تبديد محجوزات ".
وحيث إنه وإذ ذكرت الجهة القضائية المدعى عليها سبب تخطي المدعي في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة على النحو المبين سلفاً ، ومن ثم فإن هذا السبب يخضع لرقابة المحكمة لوزنه بميزان المشروعية وتمحيصه للتحقق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار ، والتأكد مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصه استخلاصاً سائغاً من أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها مادياً وقانونياً .
وحيث إنه ولما كانت الغاية المرجوة من إجراء التحريات الأمنية على المرشح لوظيفة قضائية هي اختيار أفضل العناصر للقيام بمهام الولاية القضائية ، لذا اشترط المشرع عدة شروط فيمن يلتحق بأي من الجهات أو الهيئات القضائية ، ومن بين هذه الشروط وأهمها حسن السمعة ، ولكي تتحقق الهيئة القضائية من توافر هذا الشرط أعدت وثيقة تعارف أو بيانات أو أياً كان مسماها ، ليكتب ويذكر المرشح بيانات صحيحة عن نفسه وعن أسرته للتحري عنه والتأكد من صحة هذه البيانات والاستيثاق من أنه يتمتع بحسن السير والسمعة والسلوك القويم بين أقاربه وأهله وذويه ، وأنه لا يوجد من بين أقاربه من يلحق به عيب في سلوكه أو شطط في تصرفاته أو خطر على مجتمعه ، وتلك التحريات تكون شاملة وفي كل مناحي الحياة ، وبخاصة في أبعد ما يتصور من خطر على المجتمع وهو الجريمة ، فذكر بيانات الأقارب ليس مقصوداً لذاته ، وإنما لعلة التأكد من حسن سمعة المتقدم ؛ ولما كان مفهوم الاسرة الذي يؤثر في شخصية الفرد يختلف باختلاف الظروف – زماناً ومكاناً وحالاً ومآلاً وعدداً وتعداداً وثقافة ومنهجاً - كما يختلف باختلاف الوظيفة التي سوف يتقلدها الشخص – قيمةً وقامةً وهيبةً ومهابةً وقدرةً وقدراً – كما تختلف أيضاً باختلاف الجرائم والمسلكيات المنسوبة لأحد أفراد أسرته – نوعاً وعدداً وتكراراً وعوداً - ،ومن ثم فإن التعيين في الوظائف القضائية يتطلب قدراً كبيراً من إمعان وإنفاد البصر في حال وأحوال ومسلكيات أسرة الُرُشح وذويه ، وكل ما ورد ذكره في أوراق رسمية ، وهذا المبدأ سيترتب عليه حتماً نتيجة حتمية هي أن مفهوم الأسرة سيُنظر إليه في كل حالة على حده ابتغاء الحق ووصولاً للعدل ، كما يجب النظر إلى الأفعال والجرائم محل التقييم من وجهة اعتبارها مفقده للثقة والاعتبار من عدمه ، ومدى تعارضها مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل وذلك بالقدر اللازم لتقلد ولاية القضاء .""حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 587لسنة 56ق .عليا بجلسة 20/4/2015 غير منشور "
وحيث إنه ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدعي قد تربي في كنف أسرة قضائية حيث يعمل والده "نائبا لرئيس محكمة النقض " وقد جاءت تحريات الأمن العام قاطعة في أن المدعي ووالديه وشقيقه – والذين يمثلون اسرته – لم يصدر ضد أي منهم أي حكم جنائي في أية جريمة من الجرائم ،وقد خلصت التحريات الجنائية أن سمعة المرشح وأسرته طيبة ،ومن ثم لاينال منها سبق اتهام زوج عمته في القضايا المذكورة حيث أنه لا يدخل في مفهوم أسرة المدعي ، علاوة على أن هذه القضايا – علي وصفها المتقدم - لا تمس الشرف والأمانة ، وليس من شأن سلوكه أن ينعكس سلباً على سمعة المدعي وسلوكه، إذ لا ذنب له ولأسرته فيما تناله أيدي أقاربهم المنسوبين إليهم بحكم صلة القرابة ، كما لايصلح الارتكان الي القضية المنسوبة الي جد المدعي لوالده المقيدة برقم 3897لسنة 1977جنح باب شرقي "تبديد محجوزات" ذلك أن الثابت من التحريات أنه بالاستعلام من النيابة العامة فقد أفادت بأن القضية دشتت بمضي المدة ومن ثم فقد زال دليل الإدانة فيها فضلا علي أنه قد مضي علي تاريخ ارتكابها ما يزيد عن خمسة وأربعين عاما ولم تكن من الجرائم الماسة بالشرف والأمانة وقد توافرت فيها شروط رد الاعتبار القانوني ولم يعد لها أي تأثير يذكر ؛ ومن ثم فلا يجوز الإرتكان إلى ما ورد بتلك التحريات واتخاذه ذريعة لاستبعاد المدعي من التعيين في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، خاصة وأن المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة أن التحريات التي تجريها الأجهزة الأمنية المختصة على المرشح لشغل الوظيفة القضائية يلزم أن يراعى فيها بأنها لا تنال دون سند من الحق الدستوري للمرشح في تولي الوظيفة من ناحية ، ومن ناحية أخرى المحافظة على المعايير والضوابط المحددة للاختيار وصولاً لأفضل العناصر إعمالاً لصحيح حكم القانون ، ولما كان ذلك وكانت التحريات الأمنية ( الجنائية والسياسية ) التي أجريت عن المدعي وأسرته والتي استندت إليها الجهة الإدارية في رفض تعيين المدعي لم تستند إلى أسباب أو وقائع تبرر الرفض سواء بذكر أمور تشوب المدعي أو ذويه - من اسرته بمفهومها الضيق - يثبت فيها للمحكمة عدم أهليته وصلاحيته في التعيين بالوظيفة القضائية التي ترشح للتعيين فيها ، ومن ثم فإن النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية والحال كذلك بعدم تعيين المدعي في وظيفة مندوب مساعد تكون مستخلصة استخلاصاً غير سائغاً من أصول لا تنتجها مادياً أو قانونياً مما يكون معه قرارها المطعون فيه
رقم238 لسنة 2020 قد جاء مفتقداً لركن السبب فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، خاصة وانه ظاهر التميز والتفوق العلمي لحصوله على تقدير جيد جدا بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 2015، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغائه وما يترتب عليه من آثار ، أخصها تعيينه بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة اعتبارا من تاريخ تعيين أقرانه بالقرار المطعون فيه وترتيب أقدميته بين زملائه وفقاً للقواعد المتبعة في هذا الشأن ، وذلك بعد إجراء الكشف الطبي عليه .
وحيث إن الدعوي معفاة من الرسوم القضائية عملا بحكم المادة (104) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1972.
فلهــذه الأسبــــاب
حكمت المحكمة : بقبول الدعــــوى شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 238 لسنة 2020 فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وذلك على النحو المبين بالأسباب .
تعليقات
إرسال تعليق