حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 77305 لسنة 64 ق.عليا، 16/12/2020م، شرط المصلحة حال استحالة تنفيذه؛ لتغير المراكز القانونية

 بسم الله الرحمن الرحيم

                 باسم الشعب

                مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة السادسة

 (تعليم - موضوع)

بالجلسة المنعقدة علناً بـرئاسة السـيد الأستـاذ المستشـار / سعيد عبد ربه علواني خليف   نائب رئيس مجلس الدولة  

                                                                                                           ورئيـس المحكمــة

وعضــــوية السيد الأستاذ المستشار / طارق محمد لطيف عبد العزيز                             نائب رئيس مجلس الدولة

وعضــــوية السيد الأستاذ المستشار/الدكتور/ محمد عبد الرحمن محمد القفطي                      نائب رئيس مجلس الدولة

وعضــــوية السيد الأستاذ المستشار  / ياسر محمد أحمد يوسف                                    نائب رئيس مجلس الدولة

وعضــــوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الحكم محمود نور الدين محمود                     نائب رئيس مجلس الدولة

وبحضـور السيد الأسـتاذ المستشار    / محمد بلال على إبراهيم           نائب رئيس مجلس الدولة و مفـــوض الدولــــة

وسكرتارية السيد                               / محمد على إبراهيم                                      أمين الســــــــــر 

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 77305 لسنة 64 ق.عليا

المقام من

1- وزير الداخلية.  2- رئيس أكاديمية الشرطة.

3- مدير كلية الشرطة.

ضد

مصطفى محمود علي أحمد البليدي.

في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) بجلسة 20/5/2018 في الدعوى رقم 40335 لسنة 72 ق 

الإجراءات

بتاريخ 16/7/2018 أودع السيد الأستاذ/ مصطفى محمد عبد المجيد وكيل هيئة قضايا الدولة بصفته نائبا قانونيا عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن الماثل، قيد بجدولها بالرقم المبين عاليه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) بجلسة 20/5/2018 في الدعوى رقم 40335 لسنة 72 ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطلب العاجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.

وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لتقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين بصفاتهم بالمصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن تأسيسا على أنه تخرج من كلية الشرطة وأصبح ضابطا بوزارة الداخلية، وبجلسة 18/2/2020 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بنفس المحكمة، حيث تدوول نظر الطعن أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/11/2020 أودع وكيل الطاعنين بصفاتهم حافظة مستندات طويت على أصل كتاب مدير كلية الشرطة بالإفادة بأن المطعون ضده تخرج من الكلية دور أغسطس عام 2018، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به. 

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة. 

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- في أن المطعون ضده (المدعي أصلا) كان قد أقام الدعوى رقم 40335 لسنة 72 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 9/5/2018 ضد الطاعنين (بصفاتهم) طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار أكاديمية الشرطة رقم 309 لسنة 2018 الصادر بفصله من الفرقة الرابعة بالكلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تمكينه من أداء ما تبقى له من مواد دراسية قانونية أو شرطية في لجنة خاصة وتخرجه ووضعه في أقدميته، وتنفيذ الحكم في الشق العاجل بمسودته بدون اعلان، مع إلزام الإدارة بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء القرار المطعون فيه، وإلزامها المصروفات.

وذكر شرحا لدعواه، أنه التحق بكلية الشرطة في العام الدراسي 2013/2014 بعد أن اجتاز كافة الاختبارات الطبية والرياضية والنفسية بنجاح، وأثناء دراسته بالفرقة الثالثة بالكلية تم إحالته للمحاكمة العسكرية دون مبرر وبتاريخ 23/6/2016 قررت المحكمة فصله من الكلية، وأنه طعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 60805 لسنة 70 ق، وبجلسة 10/12/2017 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصله من الكلية، وأضاف أن جهة الإدارة نفذت الحكم تنفيذا منقوصا يتناقض مع حجية الحكم الصادر لصالحه إذ قامت بتوقيع الكشف الطبي عليه والذي انتهى إلى عدم لياقته الطبية للاستمرار كطالب دارس بكلية الشرطة، وعليه أصدرت قرارها المطعون فيه بفصله مجددا من الكلية  بعد تنفيذ الحكم، ونعى المطعون ضده على هذا القرار صدوره مشوبا بعيب مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة والانحراف بها، واختتم صحيفة دعواه بطلباته سالفة البيان.

وبجلسة 20/5/2018 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين تفصيلا بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون اعلان، مؤسسة قضاءها، على أن البادي من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل، أن المطعون ضده كان مقيدا بالفرقة الثالثة بكلية الشرطة، وبتاريخ 23/6/2017 قررت المحكمة العسكرية فصله من الكلية وإذ لم يصادف هذا القرار قبولا لدى المطعون ضده قام بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري، حيث قضت المحكمة بجلسة 10/12/2017 بوقف تنفيذ هذا القرار، وأنه عند تنفيذ الحكم الصادر للمطعون ضده أمرت الكلية بعودته للكلية وتوقيع الكشف الطبي عليه والذي انتهى إلى أنه غير لائق طبيا كطالب دارس بكلية الشرطة وعليه أصدر مجلس أكاديمية الشرطة قراره المطعون فيه بفصله من الكلية في العام الدراسي 2017/2018 لفقده شرط اللياقة الصحية، وأنه لما كان من المستقر عليه إنه يتعين على الجهات الإدارية تنفيذ الأحكام القضائية احتراما للدستور فإنه كان يتعين على جهة الإدارة تنفيذ الحكم الصادر للمطعون ضده دون تريث أو اتخاذ إجراءات أخرى وإذ قامت بتوقيع الكشف الطبي على المطعون ضده رغم أن تنفيذ الحكم لا يقتضي ذلك فإن الجهة الإدارية تكون قد جانبت وجه الحق وأساءت استعمال سلطتها وأفصحت عن موقفها في الامتناع عن تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بإلغاء قرار فصل المطعون ضده، وذلك بإصدارها لقرارها الجديد المطعون عليه بفصله مجددا لعدم اللياقة الطبية، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر على غير سند صحيح من الواقع والقانون مرجحا إلغائه عند الفصل في طلب الإلغاء وهو ما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار، بالإضافة إلى إنه يترتب على هذا القرار أضرار يتعذر تداركها تتمثل في المساس بمستقبل المطعون ضده مما يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وهو ما يكون معه طلب وقف تنفيذ القرار قد استوى على ركنيه مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن شرط اللياقة الصحية يتعين توافر بطلبة كلية الشرطة منذ التحاقهم بها وحتى تخرجهم منها، وأن المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة هو الجهة الفنية الوحيدة التي تثبت لها صلاحية البت في اللياقة الصحية لأعضاء هيئة الشرطة من عدمه، وأن القرار المطعون فيه صدر استنادا إلى توصية المجلس الطبي والذي انتهى إلى عدم لياقة المطعون ضده صحيا ونفسيا للاستمرار كطالب دارس بكلية الشرطة، وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا متفقا وأحكام القانون.

وحيث إنه عن شرط المصلحة، فإن مناط قبول الدعوى أو الطعن أن تستقيم لرافعها مصلحةٌ شخصية، بحيث يُتصوَّر عقلا ومنطقًا أن تؤتي المنازعة أُكُلَها إن استوى له أصل حقٍّ، فإن لم تركن المنازعةُ القضائية إلى مصلحةٍ بهذا المفهوم، تُسوِّغها ابتداءً واستمرارًا، جاءت مُفتقدةً مناطَ قبولِها.

وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه لا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية، ولفظ (الطلبات) يشمل أيضا الطعون المقامة عن الأحكام؛ باعتبار أن الطعن استمرار لإجراءات الخصومة بين الأطراف ذوي الشأن، وأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته شكلا وموضوعا أمامها لتنزل فيه صحيح حكم القانون.

وأن الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري تحوز قوة الشيء  المحكوم فيه، وأن احترام قوة الشيء المقضي به مبدأ أساسٌ وأصل من الأصول القانونية واجبة الاحترام، تمليه الطمأنينة العامة، وتقضى به ضرورة استقرار الأوضاع استقرارا ثابتا، باعتبار أن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام، وأنه إذا حكم بوقف التنفيذ أو الإلغاء فإن جهة الإدارة تلتزم بتنفيذ الحكم وإعادة الحال إلى ما كان عليه وكأنَّ القرار لم يصدر إطلاقًا، دون أن تمتنع عن تنفيذه، أو تتقاعس عنه؛ نزولا على قوة الأمر المقضي المقررة للحكم والتزامًا بسيادة القانون، إلا أن تقوم استحالة قانونية، أو مادية تحول دون تنفيذه، وتتمثل الأخيرة في اصطدام التنفيذ بالواقع ، كأن يكون محل تنفيذ الحكم قد زال من الوجود قبل التنفيذ.

وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت أن طلبات الجهة الإدارية الطاعنة في الطعن الماثل هي قبول الطعن شكلا وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل المطعون ضده من الفرقة الرابعة بكلية الشرطة في العام الدراسي 2017/2018، وكان الثابت من البيان المقدم من الجهة الإدارية بجلسة 18/11/2020، أن المطعون ضده تخرج من كلية الشرطة دور أغسطس 2018، مما يكون معه المطعون ضده في مركز قانوني مغاير تماما للمركز القانوني الذي استمده من تنفيذ الحكم المطعون فيه، وعليه فإن صدور حكم بإلغاء الحكم المطعون فيه يضحى لا جدوى منه؛ لاستحالة تنفيذه؛ لتغير المراكز القانونية، ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الأحكام إنما تصدر لتكون قابلة للتنفيذ فإن تيقن لدى القاضي لأسباب واقعية وموضوعية أنه يستحيل تنفيذ الحكم الذي يصدر في شأن المنازعة المطروحة فإن حسن تطبيق العدالة يتطلب من المحكمة بما لها من ثاقب نظر وهيمنة على الدعوى وظروفها الواقعية ألا تقضي بإلغاء القرار محل المنازعة. 

ولما كانت الحال هذه فإن مصلحة الجهة الإدارية الطاعنة في نظر الطعن على القرار المطعون فيه، تكون قد زالت، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن لزوال المصلحة.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (270) من قانون المرافعات المواد المدنية والتجارية. 

فلهذه الأسباب 

                   حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن لزوال المصلحة، وألزمت الطاعنين بصفاتهم المصروفات.

صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم الأربعاء الموافق 1 من شهر جماد أول سنة 1442 هجرية، 

الموافق 16/12/2020 ميلادية وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.

 

تعليقات