حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوي رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية، جلسة 13 مايو سنة 2007 م،مدي دستورية إعفاء شركة من الخضوع للضريبة العامة على المبيعات على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 13 مايو سنة 2007 م ، الموافق 26 من ربيع الآخر سنة 1428 هـ .

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد                                   رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى            

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما                      رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن                                         أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم3 لسنة 23 قضائية "دستورية "

المقامة من

السيد رئيس مجلس إدارة شركة النيل للكبريت والمساكن الخشبية الجاهزة

ضد

1 – السيد رئيس الجمهورية

2 – السيد رئيس مجلس الوزراء

3 ـــ السيد وزير المالية

4 – السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات

" الإجراءات "

بتاريخ الحادى عشر من شهر يناير سنة 2001 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبة الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثانية والفقرات (2، 3، 4) من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.

قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث أن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 1032 لسنة 1999 تجارى كلى أمام محكمة الإسكندرية الإبتدائية ضد المدعى عليه الثالث طالبة الحكم بإلزامه وآخرين متضامنين بأن يؤدوا إليها مبلغ قيمته 99ر826730 جنيهاً قيمة الضريبة المسددة منها عن (55) رسالة قطع غيار مستوردة من الخارج لاستخدامها فى أعمال الصيانة والإحلال والتجديد لمعدات مصانعها، وبجلسة 29/3/2000 قضت تلك المحكمة برفض الدعوى طعنت المدعية على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1249 لسنة 56 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية ، وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية نصوص الفقرة الأولى من المادة الثانية والفقرات ( 2، 3، 4) من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية برفع دعواها الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .

وحيث أن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة ، وهو ما يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر من فصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية ، عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعاً، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية ، عما كان عليه قبلها.

وحيث أن المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة ، أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها فى حمأه المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعاً.

وحيث أن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعتبر كلاً واحداً، يكمل بعضها البعض ويتعين أن تفسر عباراته بما يمنع أى تعارض بينها، إذ أن الأصل فى النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها وتتحد توجهاتها ليكون نسيجاً متألفاً، ولما كان نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 سالف الذكر تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص....." - فإن تعين هذا الإلتزام الضريبى لا يستقيم منهجاً إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الإلتزام: كما هية المكلف، وما هية المستورد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوباً لدلالات الألفاظ التى حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من ذات القانون، حيث عرفت (المكلف) بأنه "الشخص الطبيعى أو المعنوى المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجاً صناعياً، أوتاجرًا أو مؤديًا لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الإتجار مهما كان حجم معاملاته". كما عرفت (المستورد) بأنه "كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار" - الأمر الذى يتضح معه بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الإتجار لضريبة المبيعات المقررة وفقاً لهذا القانون، وقد ربط دوماً فى نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده، 

متى كان ذلك وكانت الشركة المدعية تهدف بدعواها الموضوعية إعفاءها من الخضوع للضريبة العامة على المبيعات على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها، فإن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 يكون محققاً للشركة المدعية بغيتها من دعواها الموضوعية ، ولا يكون لها مصلحة فى الطعن على النصوص الطعينة بحسبان أن الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، ومن ثم فإن الشركة المدعية يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من استيراد المواد المجلوبة من الخارج - وذلك شأنها أمام محكمة الموضوع - دون حاجة إلى التعرض للنص من الوجه الدستورية ، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة فى الدعوى الماثلة ، ويتعين القضاء فيها بعدم القبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، ومصادرة الكفالة وإلزام الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

  

تعليقات