فتوي - الانقطاع عن العمل المعول عليه فى إنهاء الخدمة يكون فقط فى حالة الموظف المنقطع إراديًّا دون سواه - حالة توافر العذرالمرضي
الفتوى رقم 2235 لسنة 2020 بتاريخ فتوى : 16/12/2020 و تاريخ جلسة : 11/11/2020
موضوع الفتوى :
بشأن طلب الرأي بخصوص صدور قرارات إنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل، ومدى أحقية جهة الإدارة في رفض طلب السيدة/ سماح خميس عوض الغول الترخيص لها فى إجازة خاصة بدون أجر للأسباب التي تبديها، وانقطاع المذكورة عن العمل اعتبارًا من تاريخ تقديم طلب الحصول على الإجازة دون انتظار البت فيه، وما إذا كانت ثمة إجراءات مما يتعين على جهة الإدارة اتخاذها قبل إصدار قرارات إنهاء الخدمة في تلك الحالات.
نص الفتوى :
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2020
ملف رقم: 86/2/399
السيد اللواء/ محافظ الإسكندرية
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتاب السيد اللواء/ سكرتير عام محافظة الإسكندرية رقم (247) المؤرخ 20/1/2020، الموجه إلى إدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بمحافظة الإسكندرية، بشأن طلب الرأي بخصوص صدور قرارات إنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل، ومدى أحقية جهة الإدارة في رفض طلب السيدة/ سماح خميس عوض الغول الترخيص لها فى إجازة خاصة بدون أجر للأسباب التي تبديها، وانقطاع المذكورة عن العمل اعتبارًا من تاريخ تقديم طلب الحصول على الإجازة دون انتظار البت فيه، وما إذا كانت ثمة إجراءات مما يتعين على جهة الإدارة اتخاذها قبل إصدار قرارات إنهاء الخدمة في تلك الحالات.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أن المعروضة حالتها السيدة/ سماح خميس عوض الغول كانت تشغل وظيفة باحث تخطيط ومتابعة أول بالدرجة الأولى التخصصية بإدارة الإحصاءات المركزية بديوان عام محافظة الإسكندرية، وبتاريخ 4/12/2018 تقدمت المذكورة بطلب للترخيص لها فى إجازة خاصة بدون أجر لمدة عام قابلة للتجديد لظروفها الخاصة، وبعرض الأمر على إدارة الإحصاءات المركزية– محل عملها– أوصت برفض طلبها استنادًا إلى أن حاجة العمل لا تسمح بذلك في ضوء قلة العاملين بالإدارة لا سيما
مع اضطلاع المعروضة حالتها بالعمل بنظام جزء من الوقت، وإزاء انقطاع المعروضة حالتها عن عملها بعد تقديم طلب الإجازة، فقد قامت جهة الإدارة بإصدار القرار رقم (135) لسنة 2019 بتاريخ 15/1/2019 بإنهاء خدمتها اعتبارًا من تاريخ 3/12/2018 للانقطاع عن العمل، وحال علمها بتاريخ 12/6/2019 بصدور ذلك القرار فقد بادرت إلى التظلم منه بتاريخ 14/7/2019 استنادًا إلى ما ارتأته من أحقيتها في الترخيص لها فى الإجازة؛ لحاجتها إلى رعاية والدتها قبل وفاتها، فضلًا عما ألمّ بالمعروضة حالتها من ظروف صحية طارئة، وأرفقت بتظلمها تقريرًا طبيًّا رسميًّا صادرًا عن مستشفى الحضرة الجامعي يفيد بدخولها المستشفى بتاريخ 7/12/2018 وخروجها بتاريخ 9/12/2018، بتشخيص إصابة كسر بالكاحل الأيمن، وتم تركيب جبس فوق الركبة مع حاجتها إلى الراحة التامة بالفراش وعدم الحركة مدة لا تقل عن شهرين من تاريخ الخروج مع المتابعة بالعيادة الخارجية، لذا فقد طلبتم الرأي في الموضوع الماثل من إدارة الفتوى المشار إليها، والتي أحالته
إلى اللجنة الأولى من لجان قسم الفتوى بمجلس الدولة، والتي قررت إحالته إلى الجمعية العمومية لما آنسته فيه من أهمية وعمومية.
ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة
فى 11 من نوفمبر عام 2020م الموافق 25 من ربيع الأول عام 1442هـ؛ فتبين لها أن حقيقة طلب الرأي
أنه يدور حول مدى صحة القرار رقم (135) لسنة 2019 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المعروضة حالتها للانقطاع عن العمل بعد تقدمها بطلب للترخيص لها فى إجازة خاصة بدون أجر لرعاية والدتها والذي انتهت الجهة الإدارية إلى رفضه.
وتبين للجمعية العمومية أن المادة (163) من الدستور تنص على أن: الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتكون من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم. ويتولى رئيس مجلس الوزراء رئاسة الحكومة، ويشرف على أعمالها، ويوجهها في أداء اختصاصاتها. وأن المادة (2) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016 تنص على أن: يُقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: 1- السلطة المختصة: الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال...، وتنص المادة (46) منه على أن: تحدد السلطة المختصة أيام العمل فى الأسبوع ومواقيته وتوزيع ساعاته وفقًا لمقتضيات المصلحة العامة... ولا يجوز للموظف أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة يرخص له بها فى حدود الإجازات المقررة فى هذا القانون، ووفقا للضوابط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية، وإلا حُرِم من أجره عن مدة الانقطاع دون إخلال بمسئوليته التأديبية، وتنص المادة (53) منه على أن: تكون حالات الترخيص بالإجازة بدون أجر على الوجه الآتي: 1-... 2- يجوز للسلطة المختصة منح الموظف إجازة خاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها وتقدرها السلطة المختصة ووفقًا لحاجة العمل...، وتنص المادة (69) منه على أن: تنتهى خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: 1-... 2-... 3-... 4-...
5- الانقطاع عن العمل بدون إذن خمسة عشر يومًا متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يومًا التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول 6- الانقطاع عن العمل بدون إذن ثلاثين يومًا غير متصلة في السنة.
7-... 8... 9-... 10-... وتبين اللائحة التنفيذية قواعد وإجراءات إنهاء الخدمة لهذه الأسباب. وأن المادة (176) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1216) لسنة 2017 تنص على أنه: إذا انقطع الموظف عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوما متتالية، ولم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، أو إذا انقطع الموظف عن عمله بدون إذن ثلاثين يوما غير متصلة فى السنة ولو عوقب تأديبيا عن مدد الانقطاع غير المتصل، يجب على السلطة المختصة أو من تفوضه إنهاء خدمته من تاريخ انقطاعه المتصل عن العمل، أو من اليوم التالى لاكتمال انقطاعه غير المتصل.
كما تبين للجمعية العمومية أنه بتاريخ 1/8/2018 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1459)
لسنة 2018، ونشر في الجريدة الرسمية في التاريخ ذاته، ونص في المادة الأولى منه على أنه: مع عدم الإخلال بأحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية المشار إليهما، تطلق طبقًا للضوابط الواردة بهذا القرار مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه وتقدرها السلطة المختصة بمفهومها المحدد بالقانون المذكور، ونصت المادة الثانية منه
على أن: تتم الموافقة على الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون أجر المشار إليها في المادة الأولى لمدة عام كامل ما لم يكن طلب الإعارة أو الإجازة مقرونًا بمدة أقل...، ونصت المادة الثالثة منه على أنه: عند تقدم الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه بطلب الحصول على إعارة أو إجازة خاصة بدون أجر
أو تجديدها يتعين على السلطة المختصة الموافقة على هذا الطلب في مدة لا تجاوز خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديمه ما لم يكن الموظف محالًا للمحاكمة التأديبية أو الجنائية أو في حالة وجود التزامات مالية لجهة عمله تجاهه ما لم يقم بسدادها.
واستعرضت الجمعية العمومية ما هو مستقر عليه قضاءً وإفتاءً وفقهًا من أن الاختصاص ركن
من أركان العمل الإداري عمومًا والقرار الإداري على وجه الخصوص، والاختصاص الإداري هو السلطة التى يمنحها القانون– بمعناه العام– لجهة إدارية لمباشرة عمل إداري معين، ويخولها القدرة القانونية على أدائه
عن طريق استعمال وسائل الإدارة، ومن بينها إصدار القرارات الإدارية اللازمة لمباشرة العمل الإداري. والتقيد بالاختصاص مبدأ لا يجوز إهداره، فلا يجوز لجهة إدارية أن تعتدى على اختصاص جهة إدارية موازية لها،
ولا على اختصاص جهة أعلى، أو أدنى منها، فليس لوزارة أن تعتدى على اختصاص وزارة أخرى، ولا لهيئة عامة أن تعتدى على اختصاص هيئة عامة أخرى، كما لا يجوز لجهة إدارية محلية أن تعتدى على اختصاص جهة مركزية، ولا يجوز لسلطة مركزية أن تعتدى على اختصاص مسند إلى جهة محلية؛ متجاوزة الحدود المقررة لها فى القانون كجهة وصاية، أو جهة إشراف، أو رقابة.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع فى قانون الخدمة المدنية المشار إليه، بعد أن عُنِي بتعريف مفهوم السلطة المختصة بأنه الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة، ناط بهذه السلطة تحديد أيام العمل فى الأسبوع ومواقيته وتوزيع ساعاته وفقًا لما تقتضيه المصلحة العامة، وحظر على الموظف الانقطاع عن عمله إلا لإجازة يرخص له فيها فى حدود الإجازات المقررة قانونا، وإلا حُرم من أجره عن مدة الانقطاع دون إخلال بمسئوليته التأديبية، وحدد المشرع حالات الترخيص فى إجازة خاصة بدون أجر، وفيما عدا الإجازات الوجوبية فقد أجاز المشرع للسلطة المختصة الترخيص للموظف فى إجازة خاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها وتقدرها وفقًا لحاجة العمل، كما حدّد المشرع فى المادة (69) من القانون الحالات التى تنتهى بها خدمة الموظف، ومن بينها الانقطاع عن العمل بدون إذن خمسة عشر يوما متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يومًا التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول، وكذلك الانقطاع عن العمل بدون إذن ثلاثين يوما غير متصلة فى السنة، وتضمنت المادة (176) من اللائحة التنفيذية للقانون قواعد وإجراءات إنهاء خدمة الموظف المنقطع عن العمل، سواء كان الانقطاع متصلا أو غير متصل، حيث أوجبت على السلطة المختصة أو من تفوضه إنهاء خدمته بعد انقضاء الخمسة عشر يوما التالية لاكتمال مدة الانقطاع المتصلة إذا لم يقدم
ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وفى هذه الحال يكون إنهاء خدمته بدءا من تاريخ انقطاعه المتصل
عن العمل.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن المشرع فى قانون الخدمة المدنية قد ربط الحرمان من الأجر والمسئولية التأديبية وإنهاء خدمة العامل للانقطاع– بالانقطاع الإرادى
عن العمل، وهو ما يؤيده أن المشرع قيد سلطة جهة الإدارة فى إنهاء خدمة العامل للانقطاع حال تقديمه لعذر مقبول خلال المدد المقررة قانونًا، مما يعنى أن نص المادة (46) من قانون الخدمة المدنية الذى رتب الحرمان من الأجر ومساءلة العامل عن انقطاعه عن العمل، إنما يخاطب العامل المنقطع إراديًّا عن العمل، أما حال كون الانقطاع لعذر قهرى، فإنه يجوز الاعتداد بهذا العذر، ومن ثم الموافقة على استنزال مدة الانقطاع غير الإرادى عن العمل من رصيد إجازات العامل الاعتيادية إن كان له رصيد يسمح بذلك.
واستظهرت كذلك الجمعية العمومية مما تقدم أن رئيس الوزراء قد أصدر قراره رقم (1459) لسنة 2018 متضمنًا النص على إطلاق مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية وتقدرها السلطة المختصة بمفهومها المحدد بذلك القانون، ثم عاد القرار ونصّ على أنه يتعين على السلطة المختصة الموافقة على طلب الموظف الحصول على الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديمه، إلا في حالتين؛ إذا كان الموظف محالًا للمحاكمة التأديبية أو الجنائية، أو في حالة وجود التزامات مالية لجهة عمله تجاهه ما لم يقم بسدادها.
وتلاحظ للجمعية العمومية من جماع ما تقدم أن المشرع حين ناط بالسلطة المختصة في قانون الخدمة المدنية، وهي الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة، الترخيص للموظف فى إجازة خاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها، وجعل سلطتها في ذلك تقديرية وليست مقيدة، فقد توخى من ذلك ضمان حسن سير العمل في المرفق العام بانتظام واطّراد، وعدم تأثره بانتقاص الموظفين القائمين على رأس العمل بسبب الترخيص لأعداد منهم فى إجازات خاصة بدون أجر للأسباب التي يبدونها، بما عساه أن يرتبه ذلك من اضطراب
في سير العمل، فتكون السلطة المختصة بمفهومها الوارد بقانون الخدمة المدنية، بحكم اتصالها الوثيق بظروف وملابسات العمل بالمرفق العام، هي الأجدر على تقدير مدى ملاءمة الترخيص للموظف فى الإجازة الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها، في ضوء تأثير ذلك على حسن سير العمل، ومن ثم فإن انتزاع
هذا الاختصاص من السلطة المختصة المشار إليها وإسنادها إلى سلطة أخرى، سواء أعلى أو أدني منها
أو موازية لها، من شأنه الإخلال بالاعتبارات سالفة الذكر التي قدرها المشرع في قانون الخدمة المدنية، لا سيما إن كان هذا الانتزاع قد تم بأداة تشريعية أدنى من القانون، فيضاف إلى ذلك مخالفة قواعد التدرج التشريعي، وترتيبًا على ذلك، فإنه لا يمكن النظر إلى أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1459) لسنة 2018 فيما تضمنته من إطلاق مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها الموظف، سوى أنها توجيهات للجهات الإدارية يصدرها رئيس مجلس الوزراء استنادًا إلى سلطته المقررة بالمادة (163) من الدستور بشأن الإشراف على أعمال الحكومة وتوجيهها في أداء اختصاصاتها، دون أن يكون لتلك التوجيهات أي آثار ملزمة فيما عساه أن تتضمنه من مخالفة للقواعد القانونية التي تعلوها في مدارج السلم التشريعي، ومن بين ذلك ما هو مقرر في قانون الخدمة المدنية من إسناد الترخيص فى الإجازة الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها الموظف، إلى السلطة المختصة بمفهومها المحدد في ذلك القانون، وهي الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة، بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن وفقًا لحاجة العمل ونزولا على مقتضيات الصالح العام، ومما يؤيد هذا النظر ما أوردته نصوص القرار ذاته في عَجُز المادة الأولى منه من عبارة للأسباب التي يبديها الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه وتقدرها السلطة المختصة بمفهومها المحدد بالقانون المذكور وهو ما يفاد منه التسليم بمُكنة السلطة المختصة في تقدير الأسباب التي يبديها الموظف
في طلب الترخيص فى الإجازة الخاصة بدون أجر، ولا ينال من هذا النظر ما ورد بنص المادة الثالثة من القرار من أنه: يتعين على السلطة المختصة الموافقة على هذا الطلب في مدة لا تجاوز خمسة عشر يومًا...، ذلك بأن مقتضى التفسير الصحيح لهذا النص– اتساقًا مع أحكام قانون الخدمة المدنية– هو التزام السلطة المختصة بإصدار قرار الموافقة على طلب الإجازة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديمه حال تقديرها ملاءمة الترخيص فى الإجازة للأسباب التي يبديها الموظف، في حين لا يقوم هذا الالتزام إذا قدَّرت السلطة المختصة رفض الطلب نزولًا على حاجة العمل التي لا تسمح بذلك، وبهذا المقتضى فإنه يمكن التوفيق بين نصوص قانون الخدمة المدنية، بحسبانه المصدر الرئيس لأحكام شئون التوظف، ونصوص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1459) لسنة 2018 المشار إليه، والقول على خلاف ذلك بأن القرار قد تضمن تقييدًا للسلطة التقديرية المقررة للسلطة المختصة في شأن الترخيص للموظف فى الإجازة الخاصة بدون أجر للأسباب التي يبديها،
من شأنه أن يفضي إلى أثر قانوني محتم مؤداه عدم مشروعية ذلك القرار لمخالفته الأحكام المقررة بأداة تشريعية أعلى. وترتيبًا على ذلك، فإن أحكام ذلك القرار لا تعدو كونها توجيهات للجهات الإدارية مما يعينها على حسن أداء عملها، ولا تعد ملزمة لتلك الجهات بقدر ما عساه أن تتضمنه من مخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إنه تأسيسًا على ما تقدم، ولما كانت المعروضة حالتها قد تقدمت بتاريخ 4/12/2018 بطلب إلى جهة عملها للترخيص لها فى إجازة خاصة بدون أجر لمدة عام لظروفها الخاصة، وانتهت جهة الإدارة إلى رفض طلبها استنادا إلى أن حاجة العمل لا تسمح بذلك، وكانت المذكورة قد انقطعت عن عملها عقب تقديم طلبها المشار إليه، وهو ما حدا بجهة الإدارة إلى إصدار القرار رقم (135) لسنة 2019 بتاريخ 15/1/2019 بإنهاء خدمتها اعتبارًا من تاريخ 3/12/2018 للانقطاع عن العمل، ولما كان الثابت كذلك
أن المعروضة حالتها قد أصيبت بكسر في الكاحل الأيمن مما استدعى دخولها مستشفى الحضرة الجامعي بتاريخ 7/12/2018 وخروجها بتاريخ 9/12/2018 بعد تركيب جبس فوق الركبة مع حاجتها إلى الراحة التامة بالفراش وعدم الحركة لمدة شهرين من تاريخ الخروج، وذلك وفقًا للثابت فى التقرير الطبي الرسمي الصادر
عن المستشفى، فإنه ولئن كان لجهة الإدارة سلطتها التقديرية في رفض الترخيص للمعروضة حالتها فى الإجازة الخاصة بدون أجر التي طلبتها، وذلك نزولًا على ما هو مقرر في أحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016 من منح السلطة المختصة– السلطة التقديرية في الترخيص فى تلك الإجازة وفقًا لحاجة العمل، ولئن كان الأصل أنه لا يجوز للمعروضة حالتها الانقطاع عن عملها بمجرد تقديم طلبها المشار إليه قبل صدور القرار بالموافقة على الترخيص لها فى الإجازة، فإن الثابت أن قرار إنهاء خدمتها قد صدر بتاريخ 15/1/2019 خلال المدة التي انتهى التقرير الطبي الصادر عن مستشفى الحضرة الجامعي إلى حاجة المعروضة حالتها للراحة التامة وملازمة الفراش خلالها جراء إصابتها بكسر في الكاحل الأيمن، وهي المدة التي تنتهي بتاريخ 8/2/2019، ومن ثم فإن المعروضة حالتها لم تكن وقت صدور قرار إنهاء خدمتها منقطعة إراديًّا عن العمل بل كان ذلك نتيجة لما لحقها من إصابة، وترتيبًا على ذلك فإن انقطاعها غير الإرادي لا يصلح سندًا لترتيب أي آثار قانونية في حقها وعلى الأخص إنهاء خدمتها، وهو ما يؤكده أن المشرع قَيَّد سلطة جهة الإدارة فى إنهاء خدمة العامل للانقطاع حال تقديمه لعذر مقبول خلال المدة المقررة قانونًا وهي خمسة عشر يومًا التالية لاكتمال مدة الانقطاع المتصلة، ومتى كان الأمر كذلك، فإن قرار إنهاء خدمة المعروضة حالتها رقم (135) لسنة 2019 يضحى مفتقدًا سببه المبرر له وهو الانقطاع الإرادي عن العمل مدة خمسة عشر يومًا متصلة، ويغدو بهذه المثابة غير مشروع مما يتعين على جهة الإدارة، في ضوء تظلم المعروضة حالتها منه، المبادرة إلى سحبه دون أن ينال من ذلك تأخرها في تقديم العذر المشار إليه، ذلك أنها لم تخطر بقرار إنهاء خدمتها و لم تعلم به خلال خمسة عشر يومًا من إصداره، وتقدمت بذلك العذر فور علمها بالقرار .
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم مشروعية القرار رقم (135) لسنة 2019 الصادر بإنهاء خدمة المعروضة حالتها للانقطاع عن العمل، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
تعليقات
إرسال تعليق