عدم خضوع الهيئة القومية للبريد لرسم النظافة

·        عدم خضوع الهيئة القومية للبريد لرسم النظافة المقرر في قرار محافظ المنوفية رقم 270 لسنة 2010

·        الرسم لا يفرض إلا بناء على قانون – ويترك شروط دفعه وتحديد سعره لسلطة يحددها القانون.

·        دور المصالح الحكومية غير خاضعة للقانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة.

·   أن المادة (38) من الدستور تنص على أن: "يهدف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. لا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا فى حدود القانون..."، وأن القانون رقم (38) لسنة 1967 فى شأن النظافة العامة، والمعدل بالقانون رقم (10) لسنة 2005، ينص فى المادة (8) على أن: "يلتزم شاغلو العقارات المبنية والأراضى الفضاء المستغلة فى المحافظات بأداء رسم شهرى بالفئات التالية: (أ) من جنيه إلى عشرة جنيهات للوحدة السكنية
فى عواصم المحافظات وفى المدن التى صدر بشأنها قرار جمهورى باعتبارها ذات طبيعة خاصة. (ب) من جنيه إلى أربعة جنيهات بالنسبة للوحدة السكنية فى المدن غير عواصم المحافظات. (ج) من عشرة جنيهات إلى ثلاثين جنيها بالنسبة للمحلات التجارية والصناعية، والأراضى الفضاء المستغلة والوحدات المستخدمة
مقارًا لأنشطة المهن والأعمال الحرة. (د) تعفى دور العبادة من أداء هذا الرسم. ويكون تحصيل الرسم مقابل تقديم الوحدة المحلية المختصة – بذاتها أو بواسطة الغير - خدمات جمع المخلفات والقمامة من الوحدات المبنية والأراضى الفضاء التى تخضع لأحكام هذا القانون، ونقلها إلى الأماكن المخصصة لهذا الغرض، والتخلص منها بطريقة آمنة. ولا يخل الالتزام بأداء الرسم المشار إليه بما تبرمه الوحدة المحلية من تعاقدات خاصة مع بعض المنشآت على المقابل الذى تؤديه عن تقديم كل أو بعض الخدمات المشار إليها. ويحدد مقدار الرسم من بين الفئات المنصوص عليها فى البنود (أ)، و(ب)، و(ج) من هذه المادة وإجراءات تحصيله قرار من المحافظ المختص...".

·   واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم - وعلى ما جرى به إفتاؤها فى هذا الشأن- أن المقرر قانونًا أن الرسم مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة جبرًا من الخاضع له نظير خدمة تؤديها الدولة له. فلا يُفرض الرسم إلا بناء على قانون، ويكفى فيه تقرير مبدأ الرسم، ويترك شروط دفعة وتحديد سعره لسلطة أخرى يحددها القانون. وتطبيقًا لذلك أخضع القانون رقم (38) لسنة 1967 المشار إليه شاغلى العقارات المبنية من الوحدات السكنية فى المدن من عواصم المحافظات ومن غيرها، وكذلك المحلات التجارية والصناعية والأراضى الفضاء المستغلة والوحدات المستغلة مقارًا لأنشطة المهن والأعمال الحرة لأداء رسم شهرى وضعت حدوده المادة (8) من هذا القانون، على أن يحدد مقداره فى حدود الفئات التى نصت عليها بقرار من المحافظ المختص. وأنه ولئن كان صحيحًا أن لفظ (العقارات المبنية) ورد مطلقًا فى صدر هذه المادة (8)، إلا أنه جاء فى المادة ذاتها ما يقيد هذا الإطلاق بتحديد فئات الرسم الذى تخضع له تلك العقارات فى البنود (أ)، و(ب)، و(ج)، فأخضعت له الوحدات السكنية، والمحلات التجارية والصناعية، والوحدات المتخذة مقارًا لأنشطة المهن والأعمال الحرة، والأراضى الفضاء المستغلة، وأنه وإن كان المقرر فى مناهج التفسير، أن القانون يفسر بعضه بعضًا، فلا تفهم نصوصه بمعزل عن بعضها، بل يتعين النظر إليها كوحدة عضوية واحدة تتحرك فى انسجام فى إطار الغاية والهدف الذى وضع المشرع من أجله القانون، وأنه لما كانت الأحكام تبنى على عللها لا على حكمها، فإن خضوع المبانى الحكومية المستخدمة استخدامًا إداريًا يستلزم نصًا صريحًا فى القانون يفيد ذلك، وذلك مما يجاوز مجال الإفتاء إلى مجال التشريع، فلا سبيل لخضوعها لأحكام القانون رقم (38) لسنة 1967 فى شأن النظافة العامة إلا بوجود هذا النص عملاً بالقواعد الدستورية المستقرة بشأن الخضوع للفرائض المالية، وأنه لا يحاج فيما تقدم أن الإعفاء من أداء رسم النظافة اقتصر على دور العبادة دون غيرها، إذ الإعفاء من أداء الرسم يفترض الخضوع له ابتداءً،
لكن الحاصل أن دور المصالح الحكومية غير خاضعة لأحكام القانون المشار إليه.

·   كما لا يحاج فى ذلك بأن القانون ناط بالمحافظ المختص سلطة تحديد مقدار الرسم من بين الفئات المنصوص عليها، ومن ثم يمكن للمحافظ المختص تحديد فئة الرسم الذى يخضع لها دور المصالح الحكومية، فذلك مردود بأن سلطة المحافظ فى هذا الخصوص تجد حدودها فى بيان مقدار الرسم المقرر على أعيان العقارات المنصوص عليها حصرًا فى البنود المذكورة، دون أن يملك الصلاحية القانونية للإضافة إليها،
وأنه لا يغير من هذا النظر ما ورد فى اللائحة التنفيذية لقانون النظافة العامة الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم (134) لسنة 1968 والتى عّرفت القمامة، أو المُخلّفات المنصوص عليها فى القانون رقم (38) لسنة 1967 المشار إليه بجميع الفضلات الصلبة، أو السائلة المُخلَّفة من الأفراد والمبانى السكنية
كالدور الحكومية، إذ ليس من شأن هذا التعريف أن يجعل دور المصالح الحكومية خاضعة لأحكام قانون النظافة، فتلك مهمة القانون وحده، وليس للائحة التنفيذية أن تضيف، أو أن تعدل من أحكام القانون، فضلاً عن أن التعريف ورد فى معرض توصيف القمامة، أو المُخَلَّفات المنصوص عليها فى هذا القانون،
ومن ثم فإنه يجب تفسير النص فى هذا الإطار دون أن يتعدى التفسير حدود ذلك إلى خضوع أماكن ليست خاضعة للرسم المشار إليه.

·   وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن محافظة المنوفية والوحدات المحلية التابعة لها طالبت الهيئة القومية للبريد برسوم النظافة المقررة طبقًا لقرار محافظ المنوفية (370) لسنة 2010 بالمخالفة لأحكام القانون رقم (38) لسنة 1967 فى شأن النظافة العامة المعدل بالقانون رقم (10) لسنة 2005، فإنه يتعين القول بعدم خضوع الهيئة لرسم النظافة، ومن ثم إلزام المحافظة ووحدات الإدارة المحلية التابعة لها أداء المبالغ السابق لها تحصيلها من الهيئة تحت مسمى الرسم ذاته.

·   ومن حيث إنه عن طلب الهيئة التقرير بإعفائها من رسم النظافة المقرر بجميع المحافظات الأخرى، فإن المستقر عليه فى إفتاء الجمعية العمومية أن المشرع وقد ناط بها مهمة الفصل فى أنـزعة الجهات الإدارية برأى ملزم قاطع لكل خلاف، إنما استهدف بذلك أن يكون فصلها فى تلك الأنزعة على أساس من احتدام خلاف قائم بالفعل لحالات واقعية محددة يحتاج لحلها رأيها الملزم وهو ما يقتضى التحقيق من ذلك، واستطلاع رأى الطرف الآخر فى النزاع، فلا تفصل فى أنزعة مفترضة، أو مستقبلة مما ترى معه الجمعية العمومية عدم قبول طلب إبداء الرأى الملزم فى هذا الشأن.

 

(فتوى – ملف رقم 32/2/4193 المعروض بجلسة 26 من أكتوبر عام 2016 الموافق 25 من المحرم عام 1438هـ)

 

تعليقات